چکیده:
قدّم دین الإسلام للبشریّة تشریعات شاملة لجمیع نواحی الحیاة، ولاسیّما الإنسانیّة منها، بحیث تؤسّس أصولاً فی التلاقی الفردیّ، واللحمة الأسریّة والرحمیّة، والتکافل الاجتماعیّ والإنسانیّ، وهی تُعدّ من أرقى التشریعات وأکملها فی المجتمعات الإنسانیّة؛ کونها تکفل حیاة سعیدة ومطمئنة للإنسانیّة فی الدنیا والآخرة، من خلال رؤیتها وبنیتها العقدیّة والقیمیّة والتشریعیّة التی تأخذ بید الإنسانیّة إلى کمالها ورقیّها على المستویین الفردی والاجتماعیّ.
ویُعدّ الإمام الخمینی (قده) من الشخصیّات القیادیّة والعلمیّة المفصلیّة فی تاریخ الأمّة الإسلامیّة، التی أرست الوعی والنهوض والثورة على الظلم فی وجدان الأمّة، وأوضحت المخاطر الاستراتیجیّة التی تحیط بالأمّة الإسلامیة وبمقدّرات الشعوب، ودعت الشعوب إلى عدم الرضوخ للظالمین والمستکبرین وإلى التصدّی لهم، ومواجهة کلّ ما یهدّد وحدتهم ویسبّب إضعافهم.
وتعالج هذه المقالة جانباً من أطروحة الإمام الخمینی (قده) العالمیّة فی قضیّة الوحدة الإسلامیّة، والنهی عن التفرقة بین المسلمین، وبیان الأمراض التی تفتک بجسد الأمّة الإسلامیّة، وسُبُل علاجها والوقایة منها.
ومن هذه المخاطر الاستراتیجیّة: قضیّة التفرقة بین المسلمین التی عمل الغربیّون على تسعیرها بین المسلمین، فمنذ أنْ دخل الاستعمار الأوروبیّ إلى البلدان الإسلامیّة -کما یقول الإمام (قده)- کانت التفرقة بین المسلمین من المبادئ الحتمیّة فی سیاسة المستعمرین... متوسّلین بسلاح الطائفیّة تارة، وبالنعرات الإقلیمیّة والقومیّة تارة، وبغیرها... ولهذا اعتبر الإمام الخمینی (قده) أنّ عزّة المسلمین وعظمتهم ترتبط بوحدتهم، وأنّ الدعوة إلى الإسلام تعنی الدعوة إلى الوحدة؛ أی أنْ یجتمع الجمیع تحت رایة الإسلام وکلمته.
فالذین آمنوا بالإسلام یقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذی یقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، فیلتزمون بکلّ ما تقتضیه الأخوّة من الاهتمام بشؤون إخوتهم فی السرّاء والضراء، فیتألّمون لألمهم ویفرحون لفرحهم.